top of page

من الموروث الشعبي

قتيبة صدقه في تاريخ 29 حزيران، 2008

نسوق في هذا المقال عدد من الحوادث والقصص الطريفة ابطالها اشخاص من عنزا إما متوفين او على قيد الحياة ، وقد تكون حدثت من غيرهم إلا ان طبيعتهم ومكانهم في المجتمع في القرية قد ألبسهم هذه القصة سواء فعلوها حقيقة ام لم يفعلوها.

1. اشهر القصص (على يمينك يا نمرة): وملخصها ان اهالي عنزا وعجة قرروا اقتسام الاراضي ما بين القريتين وكان ذلك قبل تقسيمها ايام الدولة العثمانية ، ولأن اهالي عجة حسب الرواية احذق (اكثر ذكاء) من اهالي عنزا فقد اقنعوا اهالي عنزا بأن يختاروا (قطة) من عنزا تسير من عنزا باتجاه عجة ، ويكون المكان الذي تقف فيه القطة هو الحد الفاصل بين اراضي عجة وعنزا، وبالفعل اختار اهالي القريتين قطة من عنزا وواكبوها خلال مسيرها باتجاه عجة وكان اهالي عنزه يرددون: (علي يمينك يانمرة) اي سيري إلى ابعد نقطة عن عنزا كي يحصلوا على مساحة اكبر من الاراضي ، ولأن القطة من عنزا فإنها ما أن مشت مسافة قصيرة باتجاه عجة حتى توقفت وكانت نقطة التوقف هي الحد الفاصل بين اراضي عجة وعنزه ، حيث حصل اهالي عجة على غالبية الاراضي. وللحقيقة لا نعلم جيدا مدى صحة الرواية ولكنها طرفة تروى عن سذاجة اهل عنزا ودهاء اهل عجة.

2. من الشخصيات التي اشتهرت بالمواقف الطريفة شخصية واقعية ظريفة وبسيطة (امتنع حاليا عن ذكر اسمه) يروى انه صعد مرة إلى الباص وقبل صعوده خلع حذائه ووضعه تحت ابطه. ومن مواقفه الطريفة ايضا انه كان يعمل عاملا في حيفا زمن الانتفاضة الاولى 1988-1993، وكان يعرف عنه انه لا يلتزم باضرابات الانتفاضة ويذهب إلى عمله باستمرار ، فقرر شبان الانتفاضة ان يمنعوه من الذهاب الى العمل، فانتظروه في حارته القريبة، ولانه يعلم بأنهم يلاحقونه فقد كان يغير مواعيد خروجه باستمرار حتى لا يستطيعوا ايقافه، وقد وضع الشاب المكلف بانتظاره ابريقا من الماء كي يغسل وجهه كلما غلبه النعاس خلال الانتظار، ولكنه اي الشاب مل الانتظار واستلقى على الارض ليغط في نوم عميق ، فما كان من صاحبنا الظريف إلا ان مر عليه وهو نائم وتناول ابريق الماء وافرغه من الماء في دائرة رسمها حول الشاب النائم ليشعره انه لم يقدر على الامساك به، وعندما جاء زملاءه الشبان الاخرون الذين رابطوا لمنع العمال الاخرين من الذهاب للعمل وخرق الاضراب اكتشفوا الامر، وانه لم يكتف بالافلات منهم وانما (علّم) عليهم كما يقال ، وفي الاضراب التالي قرر شبان الانتفاضة انهم لن يسمحوا له بالذهاب إلى العمل بأي ثمن ولن يسمحوا له بأن (يعلّم) عليهم كما فعل في المرة السابقة، وانتظروه على عتبة منزله ليلا لمنعه من الذهاب للعمل ، فما كان منه إلا ان لبس ثوب زوجته وحمل على رأسه العجين ليوهم المتربصين به انه هو زوجته وقد خرجت لخبز العجين في طابونها القريب ، وبالفعل مرّ من بين الجالسين على عتبته دون ان يشكوا به ، وما ان ابتعد عنهم حتى وضع العجين على الارض وفر هاربا والشبان في اثره وقد تنبهوا لحيلته ولكنهم لم يدركوه.


3. من القصص الطريفة ان اهالي قرية فحمة هجموا على اهالي عنزا لانهم سرقوا القمر ، هذه القصة سمعتها من اكثر من مكان، وهي متداولة عن طرائف القرى الفلسطينية.

4. هناك اهزوجة شعبية طريفة من اربع مقاطع تداولها اهل عنزا في العقود الماضية والمقطعين الاوليين يقولان:-

كيّلنا الحزن بالصاع خظر بيّن دحدل ضاع

ومختصر القصة ان اخوين اثنين احدهما يدعى (خضر)ويلفظ (خظر) والثاني اسمه (دحدل) كان شابين في بداية عمرهما ، وكان وضع اسرتهما المادي في ذلك الوقت سيء للغاية مثل كثير من فلاحي القرى الفلسطينية آنذاك ، فخرج الولد الاول وهو خضر يطوف البلاد بحثا عن الرزق ، واختفى عن اهله سنين طويلة ، يقال انه كان في اليمن ويقال انه كان في العراق ، ولما يئس اهله من عودته خرج اخوه (دحدل) بعد اكثر من عشر سنوات من الانتظار بحثا عن اخيه المفقود ، وكانت المصادفة انه بعد خروج (دحدل) بفتره وجيزه عاد الاخ الاول (خضر) إلى بيته واهله ، وانتظرت العائلة مرة اخرى عودة الابن الثاني (دحدل) الذي خرج للبحث عن اخيه ولكنه اختفى ولم يعد ، فأخذت امهما من فرط حزنها تردّد هذه الاهزوجة :

كّيلنا - من كال يكيل وفي الاية القرآنية من سورة يوسف( ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من ابيكم الا ترون اني اوفي الكيل وانا خير المنزلين) - الحزن بالصاع - والصاع هو وحدة قياس كمية في ذلك الوقت، خظر بيّن - اي ظهر بعد اختفائه ، دحدل ظاع (اي ضاع). والمعنى اننا لدينا من الحزن والاسى لدرجة اننا نكيل منه بالصاع ، ومن سخرية الموضوع وفرط الحزن ان الولد الذي كان مفقودا ظهر ولكن في المقابل فقدنا اخيه الثاني.

وتكملة القصة انه بعد انتظار ليس بالقصير خرج الاخ الاول (خضر) للبحث عن اخيه الاخر (دحدل) ومرة اخرى اختفى الاثنان ولم يظهر لهما اثر نهائيا ولفتره طويلة، فحزنت الام حزنا شديدا وأكملت اهزوجتها بمقطعين آخريين هما:

كيّلنا الحزن كيلين قاموا ظاعوا هالاثنين

اي ان الامور زادت سوءا حيث ضاع الاخوين . ونهاية القصة ان الاخوين ظهرا في النهاية بعد فقدان طويل.

5. من اطرف ما سمعت من الزجل الشعبي في عنزا والذي يرتبط بقصص اللصوصية والسرقة وهو على لحن (الدلعونا) هذا المقطع:-

حجي يا حجي الخاروفة راحت
بدار ابو الطيب ريحتها فاحت

وملخص هذا المقطع الطريف ان عجوزا واسمها زينة وهي والدة ابراهيم صالح صدقة كانت تمتلك مجموعة من الاغنام تسرح فيها إلى المرعى وتعود ، وذات يوم وفيما كانت تتقدم الاغنام عائدة بها من المرعى مرت من وسط القرية (الحارة) ، وكانت آنذاك المكان الذي يجلس به الرجال لقتل الوقت ومن سوء الحظ انه لم يكن جالسا حينها سوى 3 اشخاص من بينهم شخص شهرته (ابوالطيب)، ولم تكن اللصوصية انذاك عيبا بل علامة على المهارة و (الفهلوة)، المهم ان خروفا صغيرا كان يسير في مؤخرة قطيع الاغنام ، فالتقطه هذا الشخص - ابوالطيب - وحمله هو وصاحبيه إلى منزله على غفلة من العجوز وطبعا عند وصول صاحبته إلى منزلها افتقدت الخروف واخذت بالبحث عنه ، فيما كان اللصوص الثلاثة يستمتعون بلحم الخروف المشوي ، وبالتأكيد لا بد ان احدا ما شاهدهم وقت السرقة ، وانتشر الخبر لاحقا ليتحول إلى اغنية تعني : ايها العجوز انتبهي فقد سرق خروفك واذا اردت معرفة السارق فتتبعي رائحة الشواء التي تنبعث من بيت ابو الطيب فهو غريمك.

6. من القصص الطريفة والمحزنة ايضا ان عجوزا من عنزا مرضت ذات يوم فذهبت إلى الطبيب الذي اعطاها دواء وطلب منها الانتظام عليه عدة مرات في اليوم ولعدة ايام، فاخذت العجوز الدواء في المرة الاولى ثم الثانية وبعدها راودتها نفسها : لماذا عليّ ان اخذ الدواء على فترات ؟؟ ، اذا اخذته دفعة واحدة فسأشفى بسرعة !! وبالفعل أخذت العجوز الدواء مرة واحدة وتوفيت بعد وقت قصير بسبب ذلك ، و لاشك انها اخبرت اهلها بما فعلت .

7. هناك مثل طريف يسوقه الناس وهو (عنزه جربا بزاوية مغارة) ، وباختصار هذا المثل كل كلمة منه هي اسم قرية من القرى ، فعنزه هي قريتي ، وجربا او الجربا والزاوية ومغارة هي قرى مجاورة لعنزا ، وإن كانت الاخيرة قد تم تدميرها في فترة الحكم العثماني اثر عصيانها واستنكافها عن دفع الضرائب. والمقصود هو التندر على اسماء هذه القرى بتصويرها بالعنزة - اي انثى الماعز - المصابة بداء الجرب والمعزولة بركن (زاوية) مغارة (كهف).

9. من المقاطع الغنائيةالشعبية الطريفة هذا المقطع:-

=== يا زغلول الحمام شو بدك بالطاقة==

وقصة هذا المقطع الغنائي ان احد الشعراء الشعبيين(الحّّدّّاية) من قرية عرابه استأجره احدالشباب لاحياء حفلة زفافه وكان شاعرا (نص كّمّ)اي ليس محترفا بما فيه الكفاية ، وبسبب ذلك لم يستطع هذا الشاعر احياء سوى جزءا من الحفل نظرا لعدم احترافه في هذا المجال، وعندما قال كل الابيات التي يحفظها لم يجد ما يقوله فقال هذا المقطع: يا زغلول الحمام شو بدك بالطاقة؟. والزغلول هو فرخ الحمام ومكانه الطبيعي هو (الطاقة) وهو العش الذي يسكن به في المنازل؛ فما كان من الحضور إلا ان ردوا عليه بمقطع على نفس الوزن والقافية

========== يا حدا ما بنّّّام وبالزفة بنتلاقى====

اي حتى لوتعبت او لم يعد لديك ما تقوله ايها الشاعر ، فنحن لا زال لدينا الرغبة في إكمال هذا الحفل حتى الصباح ، وعليك ان تعد نفسك أكثر في زفة العريس غدا لمواصلة الزفاف - (تعليق)حيث ان الزفاف يكون لدينا على يومين / السهرة ثم زفة العريس والدخلة في اليوم التالي.

10.(المبايعة) : هو مسمى من مسميات الرهان فيقال بايع فلان فلانا اي راهنه ، ولا يشترط أن يكون الرهان نقدي او حتى مادي ، فأحيانا تكون (المبايعة) بهدف التحدي واظهار الذات خصوصا بين فئات الشباب والمراهقين. ومن القصص الطريفة على المراهنات في عنزه ان مجموعة من الشباب (تبايعت)مع صديق لهم على ان يمر من وسط القرية عاريا، وتحدوه بعدم قدرته على فعل ذلك، قبل ذلك الشاب التحدي (المبايعة) ، وخلع ملابسه كاملة ومر من وسط القرية بحالته تلك ، حيث كانت تجلس مجموعة من العجائز هناك اللواتي بدأن بالصراخ حين رأينه ، ولكي يخفف من وقع الامر عليهن اخذ يردد: " مبايعة يا مشحرات مبايعة" اي ان الامر لا يعدو كونه رهان وليس اي امر آخر.

11. من الشخصيات التاريخية التي سجل لها تاريخ فلسطين الحديث سبق العمل من اجل تشكيل كيان وطني على الارض الفلسطينية القائد العربي "ظاهر العمر الزيداني" وهو كما ورد في تلخيص لتاريخ حياته للدكتور مصلح كناعنة والتعليقات المذيلة اسفل تلخيصه أنه "عربي يعود في اصوله إلى قبيلة الزيادنة من الحجاز" وقيل من نجد ، فيما يرجح آخرون انهم يعودون بنسبهم إلى ادريس بن عبدالله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهم جميعاً، وكان والده عمر الزيداني يتولى (إلتزام) محصول سهل البطوف لصالح الوالي العثماني في صيدا ، وورث ظاهر العمر هذا الالتزام عن ابيه. حيث بنى ظاهر العمر بحكم علاقاته مع سكان الجليل والبطوف وشمال فلسطين تحالفات قوية ساهمت في تقوية نفوذه الذي ما لبث ان اصطدم بالوجود التركي في فلسطين ، وأدى إلى صراع عسكري في القرن الثامن عشر بين الطرفين. وخلال ذلك الصراع استعان ظاهر العمر بالاسطول الروسي بهدف حماية وجوده وتوسيع دائرة سلطته على حساب الامراء المحليين والولاة العثمانيين ، كذلك تحالف مع علي بيك الوالي العثماني في مصر الذي تمرد على الدولة العثمانية وغزا بلاد الشام لحرب الدولة العثمانية ، وبعد تاريخ حافل من الصراع الذي خاضه ظاهر العمر ، قتل الامير العربي على يد جنوده المرتزقة عام 1775 خلال حصار الاسطول التركي لعاصمته (عكا). ولا زال فلاحو فلسطين يذكرون هذا الرجل بكثير من الاعتزاز كونه وقف إلى جانبهم في مواجهة السلطات التركية التي اثقلت كواهلهم بالضرائب الباهظة.

ومما سمعته في قرية عنزا من عبارات الرثاء الشعبية لذكرى هذا الحاكم على لسان الحاجة انيسة صدقة هذا الابيات (التراويد).

كن قال ظاهر حسرتيني على الخوخه........... طق الخناجر ورشق الدم على الجوخه.

كن قال ظاهر حس رطيني على باب الدار..... طق الخناجر ورشق الدم على القفطان.

يا دار ظاهر من بعد العمار دمار....... من بعد جر المناسف نبت فيها القحوان.

وتفسيرها اي يتحسر ظاهر على الخوخه وهي مقبض الباب الرئيس الذي يستخدم قديما للطرق على الباب (كناية) ان الباب قد اقتحمه الاعداء، وطعنوا المغدور (ظاهر) حتى سال دمه على معطفه. والمقطع التالي أن ظاهر العمر يقول انه يسمع اصواتا غريبة (رطناً) على باب بيته ، فإذا هم قاتلوه قد اغمدوا خناجرهم حتى سال دمه على قفطانه. والمقطع الثالث يتأسف فيه الناس على بيت ظاهرالعمر الذي كانت المناسف والولائم معقودة على الدوام فيه، فاصبح بعد مقتله بيتاً خرباً ينبت فيه نبات الاقحوان كناية عن الخراب والهجران. مقاطع لا شك حزينة ومؤثرة خصوصا لمن اطلع على تاريخ هذا الرجل وما ترك من أثر في حياة فلاحي شمال فلسطين.


*** ملاحظة مهمة: مبدئيا اعتمد حاليا على جمع اكبر قدر من المعلومات التي تخص القرية على ان يتم تنقيحها بصورة علمية من قبلي او من قبل من سيأتي بعدي لاحقا مع شكري العميق لكل من يقوم بتزويدي بأي معلومات او صور او وثائق تخص القرية عبر هذا الموقع او على بريدي الالكتروني qutaib@hotmail.com مع العلم بأن المعلومات يتم تنقيحها وتطويرها باستمرار. آخر تحديث 23/07/2009

يسمح بتداول كافة المعلومات في هذه المقالة بحرية شريطة ذكر المصدر.

***اي معلومة يتم تداولها من قبل اي شخص دون ذكر المصدر سيترتب عليها حق كاتب هذه السطور في المطالبة بكافة حقوقه القانونية والادبية .

قتيبة محمد صدقه

bottom of page