top of page

عنزا خلال انتفاضة الحجارة 1987

 

 قتيبة صدقه في تاريخ 1 شباط،

2009

تأججت في فترة ماقبل الانتفاضة الاولى 1987 في مناطق الضفة الفلسطينية وغزة الروح الوطنية الفلسطينية كرد على المشهد السوداوي الذي نتج عن فترة ما بعد حرب لبنان 1982 وما تبعها من مجازر ضد الشعب الفلسطيني وحرب على مخيمات لبنان ، وتضييق على الفلسطينيين حيثما وجدوا، فجاءت انتفاضة الحجارة كتعبير عن رفض شعبي لوضع نهاية لنضال الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته الوطنية، حيث سبق (الانفجار الكبير) مظاهرات عديدة انطلقت من جامعات ومدارس الضفة وغزة ترفض ابادة الفلسطينيين وتطالب بحقوقهم المسلوبة، حدث خلالها مناوشات عديدة مع قوات الاحتلال واستشهد عدد من المواطنين خلال السنتين اللتان سبقتا تفجر الانتفاضة على نطاق واسع.

بدأت علامات الرفض تظهر في عنزه من خلال مسيرات عفوية كان يخرج بها طلبة المدرسة تطالب بتحرير الاقصى وتحرير المعتقلين وكانوا يرددون :-

لا دراسة ولا تدريس **************** بدنا الاقصى و(المحابيس).

كذلك كانت تظهر في تلك الايام كتابات على الجدران موقعة باسم "الجيل الصاعد" تحض على رفض الاحتلال والتصدي له ، واعتقل العديد من شبان القرية في الثمانينيات من القرن العشرين بتهم الانخراط في الحركات الفدائية أو في نشاطات معادية للاحتلال.

إلا ان اول مواجهة فعلية حدثت قبل تفجر الانتفاضة فعليا بحوالي 4 اشهر من خلال مناوشة قام بها طلبة مدرسة الذكور الاعدادية ضد احدى دوريات شرطة الاحتلال التي حضرت إلى المدرسة آنذاك لاعتقال عدد من صبيةالمدرسة بتهم(جنائية!) ، فتصدى لها عدد كبير من الطلبة ورجموها بالحجارة مما أدى لتحطم زجاجها. وإثر ذلك شنت قوة من شرطة الاحتلال حملة اعتقالات بصفوف الطلبة وحكم على عدد منهم وجميعهم كانوا من الفتية الذين لا تزيد اعمارهم عن 15 عاما بأحكام متفاوتة بمتوسط 6 اشهر سجن فعلي.

مع انطلاق شرارة الانتفاضة بدأ العمل النضالي يأخذ اطرا منظمة من خلال ما سمي آنئذ (القيادة الوطنية الموحدة) ، واخذت تظهر شعارات وطنية على الجدران تحمل توقيع هذه القيادة وتحض على النضال ومقاومة الاحتلال ، وتعلن المطالب الفلسطينية ، وتثبت مرجعية القرار الفلسطيني المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية.

خلال ذلك اخذت تظهر بيانات الانتفاضة المتلاحقة ، ويتم الاعلان عنها من خلال الالصاق على أعمدة الكهرباء ، وتضمنت البيانات توضيح لمواقف قيادة الانتفاضة إضافة إلى برنامج بالفعاليات النضالية، من تحديد لايام معينة للاضراب او غيرها من فعاليات العمل النضالي.

خلال الاسابيع الاولى من الانتفاضة لم يحدث احتكاك مع قوات الاحتلال ، ولكن مع اشتعال جذوة الانتفاضة بشكل مضطرد ، تجرأ الشبان واخذوا بنصب الحواجز الحجرية على شارع جنين- نابلس واغلاقه امام وسائل النقل بالاطارات المشتعلة، وتحدي قوات الاحتلال ومستوطنيه الذين يعبرون هذا الشارع بشكل دائم.

وجاءت اول مواجهة فعلية بتاريخ 15/3/1988 إثر اعلان شبان الانتفاضة في عنزا البلده منطقة محررة من خلال اعلان رفعوه على الشارع الرئيسي (جنين - نابلس) فاحتشدت قوة عسكرية قوامها 4 جيبات عسكرية تساندها طائرة مروحية على الشارع الرئيسي ، ودخلت القرية من جهتين: طريق تينات عودة و طريق النبعة فيما كانت المروحية تؤمن الغطاء الجوي لقوة الاقتحام التي تصدى لها اهالي القرية ، بمواجهة اشترك بها رجالها ونسائها وشبابهااستمرت ساعتين متواصلتين ، ادت إلى استشهاد علام نصرالله وجرح عدة اشخاص نذكر منهم : خيري خضر واصيب بشلل كلي حيث استشهد في 28/12/1990 ، وعواد صالح صدقة حيث تعرض للضرب الشديد والتنكيل من قبل جنود الاحتلال ، وغيرهم ممالم تسعفني الذاكرة بتذكر اسمائهم.

ومع استشهاد اول شاب من القرية مع بداية الانتفاضة اشتعلت روح المقاومة في ظل تعاطف دولي مع الموقف الفلسطيني الرافض للاحتلال، قابله سياسة قمعية من قبل سلطات الاحتلال . وأصبحت الفعاليات النضالية بأشكالها المتعددة ذات طابع يومي في حياة قرية عنزا، وأخذ بيان القيادة الموحدة للانتفاضة وما يحويه من تفاصيل العمل النضالي اليومي يطبق بحذافيره ، ففي أيام الاضراب يستعد شباب القرية لمنع العمال من التوجه للعمل داخل الخط الاخضر منذ الصباح الباكر، وتنتشر مجموعاتهم بالزي الموحد على كافة مداخل القرية التي يتم إغلاقها بالمتاريس ، فيما تتولى مجموعات أخرى التأكد من التزام المحلات التجارية بالاضراب.

اما على الصعيد التنظيمي فقد كانت الاتجاه العام لدى الناس هو المناصرة الشديدة لدرجة التعصب لحركة فتح ، ولكن مع مضي الانتفاضة وتفاعل الاحداث سياسياً وميدانياً أخذت تتغير ميول الناس نحو تيارات أخرى غلب عليها التيار الاسلامي الجهادي بشقيه: حركة المقاومة الاسلامية التي عرفت اختصاراً باسم (حماس) وحركة الجهاد الاسلامي. السبب في ذلك ربما يعود إلى تضاؤل افق الانفراج السياسي في وضع نهاية للاحتلال، اضافة إلى سياسة القمع الممنهج التي مارسها الاحتلال في تصديه للمقاومة مما خلق لدى الناس ردات فعل حملتهم إلى مزيد من التشدد في افكارهم السياسية، بعيداً عن واقعية حركة فتح وبرنامجها السياسي.

وربما يعتقد البعض ان هذا الحديث هو اكبر من قرية صغيرة. ولكنني هنا اكتب عن مرحلة تاريخية عشتها في محيطي وبيئتي الصغيرة، وربما تكررت في مناطق أخرى وبدت اكثر وضوحاً في مناطق شمال الضفة الفلسطينية(جنين، طولكرم، نابلس) حيث كان المد الثوري لحركة فتح كبيراً، والذي اخذ بالانكماش رويداً رويدا لصالح الحركات الاسلامية، وان بقيت حركة فتح هي التيار الاكبر الذي يناصره الناس.



(يتبع لاحقا)

*** ملاحظة مهمة: مبدئيا اعتمد حاليا على جمع اكبر قدر من المعلومات التي تخص القرية على ان يتم تنقيحها بصورة علمية من قبلي او من قبل من سيأتي بعدي لاحقا مع شكري العميق لكل من يقوم بتزويدي بأي معلومات او صور او وثائق تخص القرية عبر هذا الموقع او على بريدي الالكتروني qutaib@hotmail.com مع العلم بأن المعلومات يتم تنقيحها وتطويرها باستمرار. آخر تحديث 04/07/2009

يسمح بتداول كافة المعلومات في هذه المقالة بحرية شريطة ذكر المصدر.

***اي معلومة يتم تداولها من قبل اي شخص دون ذكر المصدر سيترتب عليها حق كاتب هذه السطور في المطالبة بكافة حقوقه القانونية والادبية .

قتيبة محمد صدقه

bottom of page